قراءة في نصب القشلة
أول إذاعة وساعة في بغداد .. في العهد العثماني
منظر القشلة التاريخية المطلة
على نهر دجلة

بعد أن قرأنا في العدد السابق من هذه المجلة
الغراء بحثا عن نصب الحرية للفنان العراقي البغدادي الكبير الأستاذ جواد سليم ، وما
جسده من إبداع في ملحمة تاريخ وحضارة العراق ، نعود مرة أخرى في قراءة جديدة لنصب
آخر لا يقل أهمية وجمالا وتاريخا عن النصب السابق ، ألا وهو نصب منارة وساعة وعمارة
مبنى السراي العثماني التاريخي . ولاسيما أن الساعة كانت بمثابة أول إذاعة في
بغداد .
إذ لم يعرف العراق الإذاعة اللاسلكية
الرسمية التابعة الى وزارة الاعلام والناطقة باسم الحكومة العراقية الا مع حلول عام
1936م . وكانت أجهزة (الراديو) معروفة في بغداد على نطاق ضيق . فلم يستطع اقتناؤها الا بعض المتنفذين والموسرين
. حيث وجدت طريقها الى عدد قليل من المقاهي . وكان معظم هذه المقاهي تتواجد في منطقة (الصالحية) وتحديدا في ما يعرف اليوم باسم (شارع دمشق) القريب من دار الاذاعة العراقية .
وكان في بدء افتتاح (شارع دمشق ) ، كان موقعه وسط البساتين المحيطة به ، وأنشأت المقاهي
على جانبيه . ثم بدأت البساتين تنقرض شيئا فشيئا امام زحف الدور السكنية والعمارات
والمحال التجارية ، حتى آل به الأمر الى ما نراه عليه الان .
وبدأ الناس يشترون اجهزة (الراديو) النادرة من أصحاب (مقاهي الصالحية) لعدم توفرها في الأسواق ، محاولين الأستماع الى ما
كانت تذيعه الأذاعات العربية من القاهرة ، التي إشتهرت بقوة بثها الراديوي العالمي
. فقد جرى إنشاء عدة محطات اذاعية في عاصمة القطر العربي
المصري ، من قبل شركات أهلية . ولكنها ما لبثت أن إختفت بعد أن منحت الحكومة المصرية يومذاك حق البث الاذاعي
الى شركة (ماركوني) البريطانية في عام 1934م .
وهكذا سيطر الاستعمار البريطاني
على أهم الأجهزة الاعلامية الحديثة في أهم عاصمة عربية يومذاك . وصارت لا تذيع من الأنباء العالمية على الوطن العربي
إلا ما تريد لندن إذاعته مما يتلاءم ويتناسق مع سياستها الاستعمارية !.
إذاعة بغداد :
وعندما بدأت اذاعة بغداد بث برامجها
التي تتصف بالبراءة والسذاجة ، فلم تكن هي الأخرى بعيدة عن سيطرة الانكليز . ولم تكن مواد برامجها ناضجة نسبيا ، فهي الى البراءة
والسذاجة أقرب . ومع ذلك كانت إذاعة
بغدادية تماما . وربما كان الغرض من
إقامتها صرف الناس عن متابعة ما صارت تذيعه بعض الاذاعات المعادية لبريطانيا .
وفي أول مساء جرى فيه البث من الاذاعة
اللاسلكية للحكومة العراقية ، ذهب الناس البغداديين المعجبين بالتطور العالمي والتقني
والنهضة الحديثة الى (مقاهي الصالحية ) وبشغف تام ليسمعوا ما سيذاع من أول إذاعة عراقية
. وقد تبين بعد حين بأن هذه الاذاعة بغدادية صرف ،
ولكن بعد سنوات قليلة ، وكان هذا الأمر مهما من جوانب عديدة .
إلا أن هذا البث محدود المساحة
، لا يكاد يصل الى أقرب محافظة لبغداد ، فهذه الاذاعة لا تسمع في الألوية (المحافظات) . لضعف بثها . ولكن على الرغم من ذلك ، فقد أقبل الناس على شراء
أجهزة (الراديو) من التجار الذين استوردوها وصاروا يبيعونها بمبلغ
(النقد والتقسيط) ، ولم تقتصر فائدة هذا الجهاز العجيب بهدف الإستماع
الى إذاعة بغداد فحسب ، بل الغرض الانصات الى إذاعات كثيرة صارت تبث برامجها باللغة
العربية . مثل إذاعة لندن وباريس
وبرلين وايطاليا وموسكو وغيرها .
ولما نشبت الحرب العالمية الثانية
في عام 1936م بين الدول الديمقراطية
الغربية والمانيا الهتلرية والتي دخلها فيما بعد ايطاليا الفاشية الى جانب المانيا
، ثم شاركت فيها اليابان مؤيدة الدولتين الفاشيتين الاوربيتين بصفتها واحدة من (دول المحور) التي أقيم الحلف بينها من قبل ، وعرف باسم (محور برلين - روما - طوكيو) . لما قامت تلك الاحداث
الحربية ، زاد الاقبال على شراء أجهزة الراديو ، وشاع إستعمالها واستهلاكها في جميع
المقاهي ، ولم يشعر الانسان العراقي بأهمية هذه الاذاعة الاعلامية وخطورتها إلا خلال
أعوام تلك الحرب التي صارت عالمية حقا بعد أن شاركت فيها الولايات المتحدة الامريكية
والاتحاد السوفيتي ، الراديو . الحرب الاذاعي .
الحرب الاذاعية بين الدول المتحاربة
تلعب دورا بارزا أما في إخفاء اإاخفاقات العسكرية لهذه الدولة أو تلك أو تضخيم إنتصاراتها
(الحرب الاعلامية) . وكان من ابرز المذيعين العراقيين عملوا في إذاعات
دول المحور الصحفي ، المتوفي (يونس بحري) الذي كان يتولى الاذاعة
العربية من (راديو برلين) ، ثم المذيع الشاب (عبد اللطيف الكمالي) الذي أذاع من راديو باريس - ايطاليا ، ثم من راديو (اثينا باليونان ) بعد إحتلالها من قبل الايطاليين !.
الراديو والجرائد :
وقبل أن تلجأ الاذاعات الاوروبية
الى التوجيه باذاعتها العربية نحو وطننا العربي ، لم تكن الجرائد اليومية في بغداد
تعرف ما صرن نسميه (الإلتقاط) ، فكانت تحصل على الأنباء الخارجية من واحدة من أشهر
وكالات الأنباء الاستعمارية ، وهي (رويتر) ، وكان من المألوف
السطو على ما يجره بعض المحررين من أنباء عالمية منشورة في الجرائد اللبنانية والمصرية
. ويرون أنها صالحة للنشر في جرائدهم فيقتطفونها من
تلك الجرائد التي كانت تصل الى إدارات جرائدنا عن طريق (المبادلة أو المقايضة) ، الجرائد البغدادية تبعث بنسخة منها الى الجرائد
التي تريد الحصول عليها ، وتبعث تلك بدورها بنسخ الى الجرائد البغدادية . وبهذه الطريقة أيضا يتم تداول الجرائد (الصحف) بين الناس لقلتها وندارتها .
كما ان جرائدنا كانت تعتمد على
تعريف بعض الأنباء الخارجية التي تنشر في جريدة تصدر في بغداد باللغة الانكليزية وتحصل
على أفضل الأخبار من وكالات (رويتر) ، ولما كثرت الاذاعات
العربية - الاوروبية صارت الجرائد
عندنا تستعين بمن (ينصت ) لتلك الاذاعات ويسجل أهم ما يسمعه منها ، وبسرعة
كبيرة وبحروف كبيرة (شخبطة) او ما يسمى اليوم (شفرة ) ورؤوس أقلام ، ثم يعيد (تبييضها ) ، وبعد شيوع إستعمال
آلات التسجيل (اجهزة تسجيلات بالكاسيت
الشريطي ) صارت المهمة عليهم
اسهل إذ أنهم أخذوا يسجلون الاذاعات ويعيدون كتابة ما سجلوه من الانباء . وهكذا مرت الأعوام بعد الأعوام والتطور في هذا المجال
، لتحل (اللاقطة ) ثم (المايك) السلكي واللاسلكي
كبديل عن المنصتين واجهزة الراديو وآلات التسجيل ، وهو ما نراه الان في جرائد واعلام
وهوس الفضائيات في عصر العولمة والتطور .
إذاعة بغداد .. وإذاعة مصر
نموذجا :
وكانت إذاعة بغداد تتخذ من إذاعة
القاهرة نموذجا لها ، لأن مصر أنشأت نظاما إعلاميا يصلح أن يكون نظاما دوليا . وأخذته مصر بالقوة وبالعمل ولم تأخذه إستجداءا من
الدول الغربية أو طلبا ورجاء من المنظمات الدولية ولا يمكن لدولة أن تساعد شعب دولة
أخرى إلا وكانت تريد المصلحة من وراء ذلك .
وكان الجهاز الاعلامي المصري
يمتلك قوة 50 كيلو وات ، ثم تطور
الى 4000 كيلو وات والان اصبح العالم كله يسمع إذاعة مصر في إفريقيا
وامريكا اللاتينية والصين واليابان . وتذيع الان ب24 لغة . وبعد أن كانت في ذيل قائمة الاذاعات في العالم أصبحت
النتيجة أن فرضت نفسها بقوة إذاعتها . وقال المؤتمر العالمي للاذاعات أنه نظرا لهذه القوة بكل أبعادها وعمقها وإتساعها
لغة ونتشارا تصبح الاذاعة المصرية هي الاذاعة الثانية في العالم .
وكانت في مصر عام 1955 وكالة انباء عربية انشأها الاستعمار الانكليزي وكان
رئيسها مستر توم الانكليزي ، ويقولون انها عربية . ولكن في الواقع كان يذيع ما يريد ان يذيعه وبالشكل
الذي يتفق مع السياسة البريطانية ، ثم بعد ذلك استقلت وانشأت وكالة خاصة بها ، هي وكالة
(انباء الشرق الاوسط) في شقة مرتبها 65 جنيها في الشهر . وهكذا صارت وكالة عالمية .
فلا بد لأي دولة نامية ان تنشيء
وكالة أنباء وطنية خاصة بها . ولا بد أن تكون الاذاعة موحدة . وكان هناك وقتها إذاعة تسمى (الشرق الأدنى) تذيع من قبرص ويذيع
فيها بعض الأخوة العرب .
مبادىء نجاح الإذاعة :
ولا بد لنجاح أي إذاعة من توافر
أربعة مبادىء رئيسية هي :
أولا : الثقة .
ثانيا : المصارحة .
ثالثا : العمل على فضح الأعداء .
رابعا : المشاركة الشعبية : بحيث يشعر الجميع
بأن هذه هي إذاعته الوطنية .
الاذاعة الأقدم :
والان نعود الى أول أقدم إذاعة في بغداد عرفها سكانها
في العهد الاحتلالي الاستعماري العثماني . نبدأ بالحكاية المنقولة شفاهيا التي شكلت تراثا هكذا
، بينما كان الرجل الوسيم جالسا في إحدى مقاهي الصالحية ، واستمع الى إذاعة بغداد الرسمية
، كان من دواعي الصدف ، أن رجلا كبير السن قد التفت اليه من دون الجالسين وهو على مقربة
منه ، ويبدو من زيه وملامحه أنه (بغدادي) ، قائلا :
-
هل تعرف يا ترى ، أننا قد عرفنا الاذاعة في بغداد قبل أن تعرفوها أنتم ، ابناء
هذا الجيل بسنوات ؟
فنظر
الشاب اليه نظرة إحترام وتبجيل كعادته الى من مثله ، مع شيء من الدهشة ، كون سنه لا
يسمح بالسخرية والهذيان مع الناس ، فسأله مستغربا :
-
متى كان ذلك تحديدا ؟
-
في العهد الاستعماري العثماني !
-
ولكن غير معقول ، ألا تعلم أن ألبث الاذاعي لم يعرف الا بعد انتهاء الحرب العالمية
الاولى بعدة سنوات ؟ فأي إذاعة هذه التي تتحدث عنها ؟
عندها إبتسم
الرجل إبتسامة الشيخ المتعب وقال :
-
صدقني يا ولدي ، لقد كانت في بغداد إذاعة قبل قيام الحرب العالمية الاولى .. هل تعرف (القشلة ) ؟
-
نعم ، بالتأكيد ، ومن لا يعرف شموخ إرتفاعها وساعتها الشهيرة المطلة على نهر
دجلة العظيم ! على ضفة الرصافة
.
-
أليست هي التي بناها الوالي العثماني المصلح المعمر مدحت باشا الكبير ، والتي
يقوم في مبنى جديد فيها مجلس الوزراء . وفي ابنيتها تعمل اليوم وزارات المالية والعدل والمعارف ؟
-
نعم ، هذا صحيح .
-
في هذه البناية الحكومية المركزية الرسمية ، كانت تقوم (إذاعة موسيقية) فيسمع سكان (أهالي) بغداد ما كانت (تبثه من أنغام فرقة موسيقى الجيش العثماني ، التي كان مقرها (القشلة) وكانت ساحتها ميدانا لهذه الفرقة الكبيرة ، إذ كانت
تقوم بالعزف على آلاتها بعد كل صلاة العشاء ، وما أن تبدأ هذه الفرقة عزفها الموسيقي
حتى تصل أصواتها الى كل ناحية من نواحي بغداد أيام زمان . لقد كان وقعها في ألآسماع مؤثرا ومزيلا وحشة الليل
الساكن . لأن العاصمة لم تكن
أكثر من قرية كبيرة تمتد من السنك الى باب المعظم ، ومن باب الشيخ الى محلة العزة .. ومن خان لاوند والفضل الى علاوي الحلة والشواكة .. ثم الى الجعيفر ، فقط .
هذه هي كل بغداد العهد العثماني
.. ثم انها كانت مدينة هادئة ، ليس فيها ما يعكر صفاء
وهدوء الليل .. فلا سيارات ، ولا
ماكينات معامل مزعجة وملوثة الهواء ، ولا دور سينما . انها واحدة من المدن التي كانت تنام مع غروب الشمس
. أو بعد ذلك بساعة أو بساعتين . ولهذا كانت أصوات ذلك الجوق الموسيقي العثماني تسمع
في كل أنحائها . وكنا نسمي ما نسمعه
(صوايات) - جمع صوت - وقد لا تصدقني القول ، ان كان بعض (البغادة) لاسيما في ليالي الصيف ، التي ينامون فيها على سطوح
بيوتهم ، كانوا يستمعون تلك الانغام ، ويميزون بين انغامها المختلفة . وما اهنأ تلك الليالي .
والآن نعود مرة أخرى الى هذا المعلم التاريخي الأثري الجميل (نصب القشلة)
أو منارة القشلة ، أو برج الساعة . لنتحدث أكثر عن قصة هذا المعلم الجميل الذي
يزين ضفة نهر دجلة العظيم . ويتغنى مع مدينة بغداد عاصمة الامبراطورية الاسلامية
في العهود الغابرة .

من أبراج
بناية السراي في بغداد برج الساعة في ساحة القشلة المطلة على نهر دجلة . فما أن
تعبر جسر الشهداء متجها من الكرخ الى الرصافة ، وقبل أن تجتاز الجسر تجد على جهة
اليسر منارة شامخة تزين قمتها ساعة كبيرة وقديمة ، تقع وسط مبنى السراي .
القشلة في اللغة :
تعتبر قشلة وسراي بغداد اللذان لا يزالان شاخصين من الأمثلة القليلة المهمة
للعمارة المدنية العراقية التي تخلفت من العصور العثمانية المتأخرة . والقشلة لفظة
تركية مأخوذة من الفعل قاشلاغ بمعنى أشتى و (المشتى) وصارت لفظة القشلة فيما بعد إصطلاحا
يطلق على (ثكنة الجند) أي وقت تعسكرهم وإقامتهم وعدم خروجهم للحرب في فصل الشتاء .
التاريخ :
ان القرون التي حكم فيها العثمانيون العراق لم تخل من بعض الولاة الذين
اهتموا بأمور العراق مثل سليمان باشا وداود باشا ومدحت باشا والي بغداد من سنة
1285هجري الى سنة 1288 هجري (1869م – 1872م) الذي أراد أن يرتقي بالعراق فرتب أموره
العسكرية والادارية والاقتصادية وقام بإنشاء عدة مشاريع كالمعاهد الثقافية
والصناعية والعسكرية وترك آثارا عمرانية مهمة لازال بعضها شاخصا ومن أهمها تجديده
بناية القشلة جنب السراي الذي كان مقرا للعثمانيين طوال مدة حكمهم للعراق .
الموقع والمساحة
والدلالة :
تقع القشلة في بغداد بجانب الرصافة في المحلة المعروفة بمحلة السراي تشغل
بنايتي السراي . والقشلة مساحة مستطيلة (250م × 50م) تمتد على الضفة الشرقية لنهر
دجلة جنوب وزارة الدفاع ، وكانت تشغل أبنية السراي ووزارة التربية سابقا ومديرية
الشرطة العامة ووزارة الداخلية ومركز محافظة بغداد وبلصقها القشلة التي كانت وزارة
المالية سابقا .
النشأة : أنشأها محمد نامق باشا في سنة (1278هجري – 1861م) ولم تكمل في عهده فقام
مدحت باشا بإكمالها .
بوابة
السراي :
قبل الوصول الى برج ساعة القشلة تواجهنا بوابة السراي أو (إيوان السراي)
المعروفة والطاق ، وهي واحدة من أقسام
السراي المهمة التي حافظت على أصالته المعمارية والزخرفية والمبنية بالآجر بشكل برج
طول ضلعه (21م) مكون من ثلاثة أقسام ، القسم ألأمامي هو المدخل المسقوف بعقد مدبب
ارتفاعه (9م) زخرف باطنه باشكال هندسية وزهرية محفورة ومطعمة بانصاف كرات نحاسية
وهي ظاهرة زخرفية شاعت في عمائر العصر العثماني ولم نجد لها مثيلا في العمائر
السابقة له .
بناية السراي (العمرانية) :
عند اجتياز هذه البوابة نجد أنفسنا داخل بناية السراي حيث تتصل القشلة بها
من الناحية الجنوبية مكونة بناية مستطيلة تتألف من طابقين تتوسطها ساحة داخلية
تتصل بساحة السراي وتمتد الى ضفة النهر حيث تتصل بها مسناة السراي أيضا , والقشلة
مبنية بالآجر ومطلية بالجص يقع مدخلها الرئيس في وسط ضلعها الشرقي ولها مدخل آخر
وسط الضلع الجنوبي مقابل بناية المحاكم دعمت القشلة من الداخل والخارج بأبراج
ترتفع الى الطابق الاول موزعة على مسافات متساوية وهي أبراج نصف اسطوانية مندمجة
بالجدران تعلوها شرفات مسننة بارزة تحصر بينها حنايا ، وهذه الابراج تتصدر الرواق
الذي يتقدم الغرف في الطابق الارضي والذي يفتح على الساحة الداخلية .
أما الأبراج الخارجية فمستطيلة المقطع تعلوها شرفات مسننة بارزة مستطيلة الشكل
عقدت بينها حنايا مستطيلة أيضا أما الطابق الثاني فهو بشكل سلسلة من الغرف
والقاعات يتصدرها رواق مسقوف بسقف مسطح يفتح هذا الرواق على الساحة الداخلية
بسلسلة من النوافذ من الخارج تفتح الغرف على الشارع بسلسلة من النوافذ المستطيلة .
برج الساعة :

الجانب العلوي من البرج
يتوسط الساحة الداخلية المطلة على النهر برج وضعت في اعلاه ساعة بني بالآجر
والجص ويبلغ ارتفاعه (23م) ينتصب على قاعدة مستطيلة تبرز قمتها بشكل طبقات من
الكوابيل المدرجة يرتفع فوقها بدن مستطيل ومزين بنوافذ موزعة على البدن بشكل
مجموعات مكونة من اربع نوافذ للاضاءة وتبرز في اعلى البدن قاعدة تحملها طنف
وكوابيل متدرجة وفوق هذه القاعدة وضعت ساعة ذات اربعة وجوه تعلوها قمة مكعبة في كل
وجه منها نافذة يتوجها عقد نصف دائري وهذا الجزء من البرج مسقوف بقمة على شكل هرم
ناقص نصبت في اعلاه علامة فلكية معدنية للاتجاهات الجغرافية والرياح .
وهكذا فان ساعة قشلة بغداد تعد مثال نادر وفريد من نوعه في العراق بين
العمائر المدنية ذات الطابع العسكري . وهي واحدة من كثير من العمائر العثمانية
التي اعقبت الاحداث الحربية الطويلة والمريرة التي حدثت في العراق في الفترات
والتي اعقبت الغزو المغولي . ان هذه العمارات استوحت على ما يبدو في عمارتها بعض
التحصينات المستعملة في خانات القوافل مثل الأسوار العالية المدعمة بالأبراج
والبوابات الضخمة ذات الأواوين الكبيرة التي تحتوي بابا كبيرا يغلق أثناء الليل
تحت حراسة الجند ، وهي بدورها مستمدة من التحصينات العسكرية الرائعة لحصن الأخيضر
الذي ترجح نسبته الى القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) أو قبله . اضافة الى
أن هناك الكثير من هذه ألأبنية التي قام العثمانيون ببناء مثلها في عدد من المدن
العراقية مثل الموصل وكركوك وبغداد إلا أنها تعرضت الى الكثير من الاهمال وجرى على
بعضها الكثير من التغيرات والانقراض .
الباحث : علي
الخفاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق