الخميس، 31 ديسمبر 2015




إحتكار الحياة .. مشكلة الانسان الحقيقية 

       من هو الانسان الحقيقي ، وهل هو جزء من اللانهائي ؟ في هذه الكلمات الوجيزة جدا ، تنحصر المشكلة بأسرها .
      ليس من الجائز أن الانسانية لم تسأل نفسها يوما هذا السؤال ، الا منذ الأمس القريب لا شك ان هذا السؤال قد وجد منذ نشأ الانسان . ومنذ بدأ سعيه فوق الارض ، وهو يبحث عن العلاقة بين المحدود الثابت ، واللامحدود المتغير في حياته . مما يفزع له المرء ، اننا في الواقع كالأطفال : نفك اجزاء الساعة ، ونجعل منها العوبة . ثم ندهش بعد هذا ، لأن الساعة لا تدور !
      من الضروري ان نوفق الى حل للتناقض القائم في الحياة بين الثابت والمتغير . وان نوفق الى جواب لمسألة الحياة حتى تصير الحياة ممكنة . ان كل الثوابت ، من قدسية الروح ، وفكرة الانسان عن الخير والشر ، وغيرها . كل هذه الافكار التى صيغت في الضمير البشري السحيق ، هي افكار لا يمكن لأحد ولا للحياة بدونها بقاء . ومع هذا ، فان هذا الجيل نبذ جهد الانسانية بأسره ، ولا يستطيع صياغتها بنفسه من جديد . وان استطاع فانه يحتاج الى جرأة وشجاعة وشموخ .
      ان الوفرة التي ننعم في ظلها ، تحرمنا فهم الحياة .. ليست الحياة ، التي نحياها ، نحن المتطفلين عليها ، بل هي تلك التي تحياها الجموع العائلة الطيبة .. هذه الجموع التي تخلق الحياة ، وتجعل لها (معنى) .
     هل فكر الانسان ولو لمرة واحدة في سبب اقتتال الناس فيما بينهم ؟ انا اجيبك وبكل بساطة بكلمتين فقط (احتكار الحياة) ! نعم هي فعلا تحتاج الى شرح وتوضيح ، ربما تكلفنا كل اوراق ومداد العالم . أواه ما اصعب ان يتخلص الانسان من هذه (الملكية المحتكرة ) القذرة المجرمة . ان الملكية هذه اساس كل شر . وانما تتآمر الدول وتتقاتل ،لا لشيء الا من أجل احتكار ملكية الحياة ، لأن كلا منها ينشد الملك . فتراها تحارب على ارض العراق ، وفي افغانستان ، وافريقيا ، وفلسطين ، والبحرين ، وسوريا ، وجنوب امريكا ، وعلى امتداد صفحة الكرة الارضية . ان اصحاب المصانع ، وملاك الاراضي ، انما يعملون ويدبرون للملكية المحتكرة وحدها . والموظفون يتقاتلون ويغشون ، ويظلمون ، ويألمون من اجل الملكية المحتكرة . صراع الاحزاب والكيانات والبرلمانات لنفس الهدف الشيطاني . ان العقوبة والسجون ، انما تقوم لحماية الملكية المحتكرة دون سواها . وكل دساتير الارض تنظم من اجل الاستحواذ على هذه الملكية الزائلة .
      ان الحروب التي تشنها الدولة تفسد الناس في عام واحد اكثر مما تفسدهم ملايين جرائم النهب والقتل التى يرتكبها الافراد في مئات السنين كل ذلك في الحقيقة لا لشيء الا (الخوف من المستقبل ) متصورين ان الاستحواذ على ممتلكات الدول الضعيفة يضمن لهم الحياة المستقبلية . والشاعر العربي يقول :
                       قتل امريء في غابة         جريمة     لا    تغتفر
                       وقتل شعب     كامل         مسألة     فيها   نظر


الكاتب الصحفي الباحث : علي الخفاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق